* بدأت الخطوة الأولي بملأ استمارات التقديم للترشيح للإعارة إلي كل من: الدول العربية ،والدول الإفريقية..وقد سبق شرح ذلك في مدونتي"التربية والتعليم والثقافة في حياتي"(انظر "الإعارة إلي الخارج")
* بينما كنت أنتظر الترام متوجها إلي البلد في مساء أحد أيام فصل صيف عام 1976، التقيت بالزميل المرحوم أ. حسين عبد الحليم مدرس أول التاريخ بالمدرسة الناصرية الثانوية ، فإذا به يفاجئني بقوله: "مبروك علي الإعارة" ، اعتقدت أنها مداعبة منه ، فأية إعارة هذه وقد أعلنت الحركة منذ 18 يوما ولم ألتفت إليها ، انتظارا لخركة الإعارة للدول الإفريقية ، والتي قطعت فيها شوطا طويلا!؟ وكان ذلك خلال فترة تولي العالم الكبير المرحوم د.مصطفي كمال حلمي لوزارة التربية والتعليم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ الطريق الجبلي بين يفرن وجادو ، وهو يختلف عن الطريق الصحراوى.
مطار طرابلس العالمي
(شاهدناه في رحلة العودة إلي الوطن بعد انتهاء الإعارة ، بينما كان المطار القديم بدائيا جدا)
* كان يوم حضور أسرتي لمرافقتي في ليبيا أحد أسعد أيام حياتي ، وكان له الفضل في استقرارى في العمل هناك وعدم التفكير في قطع الإعارة والعودة إلي مصر ، حيث سبق وتوجهخت إلي طرابلس لمقابلة رئيس البعثة وهو أ. أحمد فتحي ـ رحمه الله حيا أو ميتا ـ حيث طلب مني الانتظار لصرف مسحقاتي المالية عن الفترة التي قضيتها ـ وهي فترة شهرين تقريبا كنا نصرف فيها مايعرف بالسلفة ـ أى أنه بهذا الطلب كان يستلهم حكمته وخبرته الطويلة في معالجة مثل هذه الحالات ، إذ أنني بمجرد انتهاء إجراءات استحضار أسرتي واستقبالها في المطار ـ وتم ذلك قبل حدوث التصفية المالية ـ كنت قد استبعدت من ذهني فكرة قطع الإعارة نهائيا.
* كان العقار الذى نقيم فيه عبارة عن دور واحد يتوسط أرضا فضاء مسورة من ثلاث جهات ، بينما الجهة الرابعة تطل علي مدرج جبلي يؤدى إلي ساحة منبسطة تنحدر إلي طريق أسفلتي. وكان العقار ينقسم إلي شقتين ، يقيم في إحداهما زميل مصرى متزوج هو أ. صلاح عرابي ـ رحمه الله حيا أو ميتا ـ بينما كنا نحن نقيم في الشقة الأخرى. وكانت المنطقة التي نقيم فيها تتخلل باطن الجبل ، وكان هناك أكثر من منحدر يؤدى إلي المحلات التجارية والمصالح الحكومية في أعلي الجبل. وعلي بعد خطوات من محل الإقامة كان هناك مرتفع جبلي آخر يستخدمه الليبيون في رعي الأغنام. ويقع بجانب مدخل الأرض كهف (أو داموس) يستخدمه أحد الجيران الليبيين ، ويعمل شرطيا ، كحظيرة للغنم ، وكان يقوم كل فترة يتجميع الروث خارج هذا الكهف ، فكنا نستخدم هذا الروث في تسميد الأرض التي استصلحناها لزراعة بعض الخصروات التي أحضرنا تقاويها أبصحبتنا ثناء الإجازة ، كما كانت هناك شجرة تين خاصة بنا ، وأخرى في الفناء الخلفي خاصة بجارنا ، وكان إنتاجها يكفينا ويكفي أصحاب الحوش وبعض الأصدقاء. كما كانت هناك "عنبة" أو شجرة عنب تابعة للجار ، وعندما انتهت إعارته قبلنا بسنة أصبح إنتاج هذه العنبة لنا.
* وكنا نقوم بتخزين جميع احتياجاتنا بكميات كبيرة ، مثل شكاير السكر والأرز والدقيق ، وكراتين التفاح والبيض ، وأجولة البرتقال ، وزيت الزيتون بالجراكن...إلخ. وقبل وصول أسرتي قمت بتوفير كافة وسائل المعيشة الأساسية ، من أثاث ومفروشات وبوتاجاز وثلاجة وتليفزيون ودفاية وراديو..إلخ. ومع وصول الأولاد أحضرت لهم اللعب والعرايس والدراجات من طرابلس. وهكذا كانت حياتنا في ليبيا آمنة مستقرة لاينقصها أى شئ ، لدرجة أن زملاء البعثة كانوا يعتقدون أنني سأكون أو المستمرين في العمل بعد انتهاء مدة الإعارة ، ويستبعدون تركي لهذا المسكن وما به من إمكانيات وتجهيزات ، خاصة وأن الحكومة الليبية كانت تغريبنا بالعقود مع استمرار مرتباتنا في تدرجها ، نظرا لتوقف حركة الإعارات الرسمية ، حيث كانت دفعتنا هي آخر دفعة معارين.
مدينة بنغازى: لم يتسن دخول المدينة ، حيث كنا في طريق العودة جوا عن طريق أثينا ،
فانتظرنا في المطار لكي نستقل الطائرة الليبية متوجهين إلي طرابلس ، ومنها برا إلي مدينة جادو حيث نقيم.
* كانت هذه المرحلة من أجمل مراحل الحياة ، سواء بالنسبة لي أو لأسرتي..إلا أن الشئ الوحيد الذى كان ينقصنا ، هو صعوبة الاتصال بالأهل في مصر ، بعد تأزم العلاقات بين البلدين ، وكان التفكير في عمل مكالمة تليفونية يتطلب السفر إلي طرابلس والمبيت فيها لحجز المكالمة في السنترال الدولي ، والتي لا تأتي قبل مضي عدة ساعات من الانتظار الصعب ، أما الخطابات فكانت تستغرق ما بين أسبوعين إلي ثلاثة ، نظرا لعدم وجود طيران مباشر بين البلدين.
(للمزيد عن هذه المرحلة..انقر هنا)
(والحديث عن مدة الإعارة في ليبيا يحتاج إلي مجلدات)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق